في يوم ما من ١٩١٦ كان مريض جدًا وبيحنضر في سريره، كتب خطاب للإمبراطورة ينص علي “بعد سنتين من الان لن يكون لكي انت و زوجك أي وجود فالبلاد، وبعد ٢٥ سنة من الان لن يوجد في روسيا نبيل واحد .. وأنا ؟ أنا ساموت يوم ١ يناير ١٩١٧” ..
يوم ١ يناير ١٩١٧ الصبح كان يوجد اتنين عُمّال ذاهبين الي عملهم ، كانوا يمرون من كوبري بيتروفسكي الّذي بيمر فوق نهر نيفا في روسيا فوجدوا آثار دماء عالتلج مجهولة المصدر، تتبّعوها فوجدوا حذاء نصف مفدونة فالتلج الناعم فقرّروا تبلّغوا شُرطة النهر وبدأوا يمشّطوا الشطّين فوجدوا تقريبًا على بُعد ٢٠٠ متر من الكوبري جُثّته .. أشهر علامة في تاريخ روسيا الحديث ومن أشهر شخصيات عالم الغرابة والغموض ..
جثّة جريجوري يفيموفيتش راسبوتين .. !
علامة من أشهر علامات الغموض والسحر وترك ورائه علامات استفهام كتير جدًا .. غير إنّه كان “بيتنبأ” بالأحداث قبل وقوعها، ذكر عنّه إنّه يستطيع قرائه الأفكار، ايجاد الحيوانات الضايعة، بيشفي الأمراض، أمراض مهما كانت صعوبتها والتي فشل الطب في علاجها، كان علاجها عنده هو فقط .. من غير استخدام مشرط .. بيدعي ويصّلي .. ويستخدم قدرته غير المفهومة حتّى له هو شخصيًا .. !
بدايته بالنسبة لنا بمثابة ثقب أسود لا نعرف عنها الكثير غير إنّه ولد في سيبيريا في عائلة من الفلّاحين في ١٨٦٩ وكان أمّي لا يستطيع القرائه او الكتابه ، وإنتشر بين جيرانه الفلاحين قدراته الخارقة وإنّه يستطيع ايجاد أماكن الحاجات الضايعة ويعرف من سرقها .. الي ان قرر ان ينضم لدير اسمه Verkhoture عشان يبقى راهب لكن بعد فترة قصيرة تركه بنيّة إنّه يتزوج وبالفعل وفي سن ١٩ يتجوّز بروسكوفيا فيودوروفنا وينجبوا اتنين يموتوا بعد الولادة والباقي يعيشوا بعدها و يتركهم بعدها راسبوتين ويسافر لليونان والشرق الأوسط في رحلات حج للأراضي المقدّسة هناك طلبًا للإرتقاء بروحه وطاقته الروحية ..
أكتر اشخاص مؤمنه بيه هم النساء، فلسفة راسبوتين كانت قائمة عالخطيئة .. وهي لما تُخطئ وتتوب وتعود تُخطئ وتنغمس فالشهوات والملذّات إنت بتسمو بروحك .. وطبيعي عقلية مثل هذه بالنسبة لها ممارسة الجنس واجب مقدّس، وخصوصًا لو كان مثل راسبوتين التّي النساء كانوا بيشهدوا بفحولته وقوته المُفرطة . وعليها النساء كانوا يخبرون بعضهم عنّه وعن قدرة الشفاء السحرية وعن ما يفعلهه في الفراش لدرجة إن آلاف النساء كانوا بيذهبوا اليه مخصوص حاملين اطفالهم المرضي ليعالجهم في مقابل إنّه يستبقي بعضهم
لا يوجدامراه و شاهدته غير ان تم سحرهامن نظرته الثاقبة التي قيل عنها إنّها بتنفذ للروح بالرغم من إنّه ليس وسيم ولا يحمل شيئ من الجمال، لكن كان له كاريزما لا تُقاوم .. لدرجة إن يوجد راهب ما أثناء وعظه فالكنيسة كان بيحذّر النساء منّه ومن شرّه وبيقول إنّ الشيطان إتجسّد في شكل إنسان واسمه راسبوتين ولو رايتموا إبعدوا النساء ارادوا ان يروا من هذا الشخص.. ذهبوا .. وأول ما وجدوه إتروموا في أحضانه .. وساروا رسل له .. ! وغرقوا معه في الملذّات والخمور والمعاصي .. الغيرة عمت الناس لدرجة إنّه ضربوه بالنار وإتطّعن بالسكينة ودخل المستشفى وخرج لا يوجد خدش عليه .. ! وهذا زوّد الهالة المخيفة حواله .. !
كل السُمعة هذه وصلت للبلاط الملكي وسمع بيه تسار روسيا الإمبراطور نيكولاس الثاني والإمبراطورة أليسكاندرا الّلي كان عندهم ٤ بنات، وإتولدلهم ولد أخير .. أليكسي .. الّذي ولد بمرض الملكة فيكتوريا ألا وهو الـ hemophilia أو سيولة فالدم، ودا معناه إنّه اذا جرح الجرح لا يلتئم وهسوف ينزف الي الموت .. وهو طفل .. فمن الطبيعي انه سوف يجرح نفسه وهو يلعب .. و هذا ما حدث .. ودخل طبيب العائلة كشف وقال لهم للأسف هيموت ولا يوجد حل .. لكن صيت راسبوتين كان وصل بيهم فإستدعوه وهو داخل بيقول لهم اين الطفل الّذي شُفي ؟ ودخلوا كلّهم وجدوا النزيف إتوقّف
هكذا كانت بداية إستيلاء راسبوتين على عقول البلاط الملكي وخصوصًا الإمبراطورة اللّي سلب لُبّها تمامًا وكانت لا تستطيع الاستغناء عنه لدرجة إنّها كانت تدافع عنّه امام الحاشية الوزراء والنبلاء
بدأوا يشعروا بمدى خطورة هذا الشخص عليهم وإنّ كيف في وقت قصير بدأ نفوذه يكبر ومن الممكن يُطيح بيهم ،هذا غير الإشاعات إنّه على علاقة بالإمبراطورة نفسها وبعض نساء وزوجات النبلاء ذات نفسهم لدرجة إنّها كانت بتتركه يدخل عليها الغرفه وهي مستيقظه أو خارجة من الحمّام وتاخد رأيه في أمور الإمبراطورية خصوصًا بعد إنشغال نيكولاس بأمور البلاد الخارجية ..
إنتشرت الحكايات عن كراماته وقدراته الغريبة في كل مكان .. الناس بدأت تحكي عن كيفيه أليكسي إبن الإمبراطورة إتجرح وكان بينزف وراسبوتين كان لا يوجد في العاصمة فالإمبراطورة ارسلت له برقية تنص علي سرعه رجوعه، فما كان منّه إلّا إنّه رد وقال لها لاتخافي ولي العهد في أمان اجعليه يلمس هذه البرقية وهيتم شفائه.. وهذا ما حدث .. !
هذا غير المرّة الثالثة التّي جرح بها أليكسي وهو بيلعب وطلبوا فيها راسبوتين لكن هذه المرّة دي اراد ان يشعرهم إنه ليس تحت الطلب .. فإتأخر مُتعمدًا وذهب بعدها ليجد ملامح الحزن عالوجوه .. وقيل له إن أليكسي توفي .. ووهذا رأي الطب.. تركهم وذهب الي الولد وركع قدّامه واخذ يدعي ويصلّي ويتمتم ويعرق ويتهزّ .. بعد وقت وجيز الولد صحي .. قام لقول لأمه “هو مين دا يا ماما .. شوفته فالحلم بيدّيني أكل .. ” .. !
النبلاء والوزراء شعروا ان نفوذ راسبوتين زادت وايضا قدراته السحرية و شعروا ايضا إنّه يوجد عقد مع الشيطان وليكوت خليفته في الأرض ويستولي على عرش الإمبراطورية .. ومن هنا بدأت الخطّة تتبلور في أدمغة بعضهم .. ! .. وعليها اتفق الأمير فيليكس يوسوبوف مع الدوق ديميتري بافلوفيتش والسياسي فلاديمير بوريشكيفيتش على القضاء عالشيطان .. !
تفاصيل اللي ما حدث في هذا اليوم لا يوجد احد يعرفها .. كلّ ما نعرفه من مذكرات يوسوبوف التّي ظهرت وبيحكي الآتي ..
يوسوبوف دعا راسبوتين للقصره بعد منتصف اللّيل وذهب به للقبو بدعوى إنّه يرد يتكلم معه بعيدًا عن الأعين والآذان .. عزمه على شاي، راسبوتين رفض بالبدايه لانه كان يشك به و لكن شرب بالنهايه..لكنه كان لا يعرف إنّ يوسوبوف بالفعل واضعا سم السيانيد .. لدهشة يوسوبوف الوقت مر وراسبوتين زي لم يظهرعليه آثار إعياء ولا تعب لدرجة إنّه طلب منه نبيذ .. فراح يوسوبوف واتي بالنبيذ وووضع به السيانيد، راسبوتين شرب 3 كاسات و لم يتاثر
على حوالي الساعة ٢:٣٠ بعد منتصف اللّيل، إستأذن يوسوبوف بداعي انه ذاهب لجلب شئ وذهب لأصدقاءه ، اخذ مسدّس من بافلوفيتش ورجع لراسبوتين .. طلب منّه ان ينظر عالصليب المتعلّق ويتلي صلاه لانه سينهي حياته.. وأطلق النار على صدره ووقع راسبوتين على الأرض في ثواني .. ! .. عليها ذهب يوسوبوف مع أصدقاءه المتآمرين لشقّة راسبوتين وواحداهم لابس عباية راسبوتين السودا الطويلة وقبعة على راسه ليعطي ايحاء ان راسبوتين ذهب الي شقّته باللّيل وهو سليم مُعافى .. وخرجوا بسرعة ايرجعوا الي القصر يوسوبوف الذي ذهب الي القبو ليرواماذا يفعلون بالجثّة .. ليقوم راسبوتين من “موته” ويهاجم يوسوبوف في عُنف !!
بصعوبه قدر يوسوبوف إنّه يخلّص نفسه من راسبوتين اللّي وصفه بإنه قوي مثل الثور وقدر يهرب ووراه راسبوتين الذّي استطاع ان يصل الي البوابة الخارجية للقصر، لكن يلحقه بوريشكوفيتش ويضربه طلقة تانية عليها يقع راسبوتين وسط التلج ميت هذه المرّة و ياتون التلاتة ليلّفوه في قطعة قماش وياخدوه على كوبري بيتروفسكي ويرموه من عليه .. !
الأخبار إنتشرت بسرعة عن موته لدرجة إنّها وصلت لأوروبا، وبعد ما شرّحوا الجثه والطب الشرعي فحصها وجدوا إنّه كان مضروب ٣ طلقات منهم واحدة من مسافة قريبة جدًا في جبهته (غالبًا واحد من التلاتة ضربهاله عشان يتأكد من موته للمرّة الأخيرة) وفي طعنات وجروح في جسمه كتير جدًا لكن كلهم مكانوش سبب موته .. وكان لا يوجد أثر لميّا في رئتيه و لم يجدوا أي آثر للسم !! .. يُقال إن راسبوتين كان عايش حياته في شك إنّ يضع احد سم في بالطعام وبما إنّ السيانيد كان هو الوحيد المُنتشر فكان وهو بيضع لنفسه جرعات بسيطة محسوبة فالطعام ليكوّن مناعه ضدّه فميتأثرش بيه .. !
راسبوتين بعدها إتّدفن في كنيسة صغيرة في Tsarskoye Selo وجنازته لم يحضرها غير بعض أفراد العائلة المالكة .. وبعض النساء .. وبعدها بعض الجنّود استخرجوا جثّته وحرقوها ووزّعوا رُفاته في كل مكان حتي لا يبني عليها مقصورة ويعبدوه أو يقدٍوه على إنّه قدّيس
..
بعد إغتيال راسبوتين بسنتين في ١٩١٩ قامت الثورة الروسية وأطاحت بالإمبراطور الروسي ومراته ومئات من الحاشية وحُكم عليهم بالإعدام كلّهم .. وبعد ٢٥ سنة أثناء الحرب العالمية التانية هجم الجيش النازي على المدن والقرى وخاف النبلاء وهربوا على أوروبا بممتلكاتهم .. وهذا كانت آخر دليل على صدق “نبوءة” راسبوتين وإنّه كلامه إتحقّق بعد وفاته .. !!
.